أنّ القرآن هل هو حادث أو قديم؟
ج. هذا البحث من المباحث المستحدثة، لانجده فيما كتب في عصر الرسالة، فكأنّهم فهموا من قوله تعالى: «وَ كَلَّمَ اللهُ مُوسَى تَكْلِيماً» أنّه لابد في الكلام أن يوجده المتكلم، لكن لو لزم ذلك، فلا يجب أن يكون بهذه الآلات الخاصة، بل يمكن إيجاده بغيرها، ثم إنّ الله تعالى الموصوف بأنّه «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيء» لايكون خلقه الأصوات والألفاظ إلا بنحو لاينافي قدسية ذاتهِ و تنزّهه عن مشابهة مخلوقاته. فاعتقاد أنّه متكلم لابد أن يكون من صفات الفعل، لأنّ المتكلّم في زمان متلبّس بصفة الكلام وفي زمان آخر غير متلبّس بها. وهذا من خصوصيات صفات الفعل، ولو كان من صفات الذات لما خليت منها الذات. وأمّا حقيقة مبدئية الذات بالنسبة إلى الكلام فلا يجب، بل لا يمكن معرفتها. والقول بالكلام النفسي ـ مضافاً إلى أنّه لا دليل له من الشرع ـ إن كان المراد منه حصول معنى الكلام في الذات بنحو الحدوث أو الدوام واللزوم، فهو يرجع إلى القول بالتركيب أو انفعال الذات وتأثرها من الخارج. والقول بوجود المؤثر الخارجي والشريك، وكل ذلك منفي عنه منزهة ذاته عنه، تعالى عن مثل ذلك علواً كبيراً. ثم إنّ نفي ذلك عنه ليس تكلماً في الذات، بل التكلم فيها أن بيان معنى حقيقة مبدئية الذات بالنسبة إلى الكلام، فتأمل في ذلك كله فإنّه من مزالّ الأقدام.